المترجم وحقوقه المهضومة
بقلم: محمد عوض – مترجم وكاتب مصري
هل يحق للمترجم الحصول على نسبة من مبيعات الأعمال أو الكتب التي يترجمها؟
هذا السؤال طرحه الأيرلندي “فرانك وين” أول مترجم يترأس لجنة تحكيم جائزة البوكر الدولية[1] (International Booker Prize) للرواية المترجمة في دورتها لعام 2022.
ونحن نعيد طرح هذا السؤال، لاسيما وأن عمل المترجم لا يقل إبداعًا أو قيمة عن عمل الكاتب حيث وصفه المترجم كارلوس باتيستا بكاتب الظل عند اختياره عنوانًا لكتابه “المترجم كاتب الظل“[2].
يتعالى صوت المترجمين بالحصول على نسبة من المبيعات حينًا ويخفت أحيانًا. وكلما ذاعت شهرة سلسلة من الأعمال المترجمة ووجد المترجمون أعمالهم تحقق مبيعات هائلة مثلما حدث مع سلسلة روايات هاري بوتر (Harry Potter) المترجمة في عالمنا العربي وفقًا لمعايير دور النشر العربية، بدأ الكثير منهم في المطالبة بنسبة من المبيعات بدلًا من الحصول على أجره من الترجمة دفعةً واحدة. وهذا أمر يتوقف على شهرة المترجم ومهارته في التفاوض وقناعات دور النشر. وكلما زادت شهرة المترجم وأعماله الناجحة، وافقت دور النشر على شروطه وحصوله على نسبة من المبيعات.
ولا تنتهي حقوق المترجم المهدرة عند ذلك الحد، فلا يزال المترجمون ينادون بكتابة اسم المترجم على الغلاف وهو ما يسميه أهل القانون حق نسبة الترجمة إلى المترجم. ولقد استجابت العديد من دور النشر لمطالبهم نتيجة للضغوط التي يمارسها المترجمون عليهم برفض التعامل مع دور النشر التي ترفض كتابة اسم المترجم على الغلاف. وساهم في ذلك أيضًا وجود جائزة دولية ذائعة الصيت للرواية المترجمة قيمتها 50.000 جنيه إسترليني يتقاسمها المترجم الفائز مع الكاتب الأصلي ألا وهي جائزة البوكر الدولية. الأمر الذي يشكل اعترافًا بالإبداع الموازي للمترجمين.
وإذا ذكرت الحقوق، ذُكرت الأجور. وهنا حدث ولا حرج، فلكل أجر عناء إلا الترجمة، جهدها يذهب في الهواء. ويرجع ذلك لعوامل كثيرة منها: العرض والطلب، الترجمة الآلية، الظروف الاقتصادية في بلادنا العربية، الجهل بالتسعير، هواة الترجمة، كثرة الوسطاء، الخلط بين مفهوم السعر التنافسي وبخس الأسعار، غياب النقابات المهنية، ندرة وجود قوانين لتنظيم مهنة الترجمة، تفتت السوق، اختلاف معايير الجودة، تقليل المترجم من جهده، إلخ.
وأشد ما يعانيه المترجم هو الجهل بمهنته والحط من جهده ومكانته، وهو من هو، هو الذي يمارس أربعة فنون هي: فن الحب، فن الخيانة، فن الإغواء، فن الفرار وفقًا لما فصله كارلوس باتيستا في كتابه “المترجم كاتب الظل“.
لنفترض أنَّ المترجم قد غاب؛ فمن يوقد البريق الحضاري للأمم؟ ومن يكسر الصمت بين الشعوب والأمم؟ ومن يصل بين اللهجات واللغات؟ ومن يقرب البعيد، ويستضيف الغريب؟ ومن يحلق في آفاق المستقبل؟ ومن يحكي الأساطير؟ ومن يعرب العلوم، ويترجم الفنون؟ ومن يطرح الأفكار، ويعبر بك الأقطار؟ ومن يتجاوز الزمان، ويفسر الأحلام؟ ومن يأخذك للفضاء، ويغوص بك تحت الماء؟ ومن يُطلق اللسان، ويسلي الأنام؟
أختم فأقول: المترجم كالنحلة يتنقل بين الأزهار؛ ليترجم العسل من الرحيق!
[1] جائزة أدبية دولية، تُمنح كل عامين للأعمال المترجمة إلى الإنجليزية، وتبلغ قيمة الجائزة 50 ألف جنيه إسترليني يتقاسمها المترجم والمؤلف الأصلي.
[2] كتاب المترجم البرتغالي/ كارلوس باتيستا الذي ترجمه إلى العربية الدكتور/ محمد أيت لعميم.
Ref:
1- https://thebookerprizes.com/the-international-booker-prize
2- https://translationservicesegypt.com/
سلمت يمينك أ. محمد
مقال رائع
سلمك الله
تابعينا لمزيد من المقالات
أصبت كبد الحقيقة
تابعينا لمزيد من المقالات
Thanks for your comment.
However, we prefer humans in all services we offer.